تناولت القهوة مع رجل أعمال كويتي كبير ومؤثر، وبعد أن تبادلنا أطراف الحديث عن الشؤون الاقتصادية أبدى انزعاجه من «التصعيد» السلبي في وسائل التواصل الاجتماعي بين السعودية والكويت والتجييش المستمر، وكأن الدولتين تستعدان لمواجهة بينهما. قلت له أول اقتراح سأتقدم به على الدولتين هو أهمية الإلغاء الفوري للأنشطة الرياضية وخصوصا كرة القدم فيها؛ لأن المشكلات في العلاقات بينهما كانت دوما من وراء مواضيع لها علاقة بكرة القدم تحديدا في الـ40 سنة الأخيرة، قلت ذلك بابتسامة وتوقفت قبل أن أسترسل معه وأضيف والمسألة لها علاقة بالتوقعات.
السعودية تعتقد وهي على حق في ذلك أن «رصيد» العلاقة التاريخية بين البلدين يسمح للسعودية أن تتوقع مواقف صريحة في السعودية أمام أي سياسات «معادية» و«عدوانية» كما يحصل من إيران ومن قطر. فالإرث التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين الكويت والسعودية يسمح بذلك، بل ويحتم على ذلك تماما مثل ما يحصل بين الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا، هذه الدول بينها روابط تحتم عليها الوقوف في نفس الصف في كل مشكلة تتعرض لها أي دولة منها، كما أظهرت العديد من الأمثلة المختلفة السابقة، السعودية «تفهمت» حساسية الوضع في الكويت والذي لن يسمح لها بتصعيد موقفها ضد إيران والذي قد تكون عليه انعكاسات أمنية واجتماعية على الداخل الكويتي نفسه بشكل لا تحمد عقباه، ولكن السعوديين يجدون موقف الكويت من الأزمة مع قطر غريبا! فالسعوديون أعطوا فرصة للكويت لتقوم بالوساطة بين الطرفين لعلها تسفر عن خير ما، ولكن لم تأت جهود الوساطة بخير ولم يحصل أي تطور إيجابي في الوضع، بل إن هناك عتبا سعوديا لأن الكويت صرحت بأنها «أوقفت» حراكا عسكريا كان وشيكا، وهي المسألة التي روج لها إعلام نظام الانقلاب في قطر، لتثبت الأيام أن الحراك العسكري الوحيد الذي حصل في قطر كان تركيا وإيرانيا لحماية النظام هناك.
هناك حالة من التعجب السعودية «بمساواة» الكويت لكل من السعودية وقطر في ميزانها الدبلوماسي والسياسي، وهذا يعني واقعيا وعمليا إنكارا للإرث والرصيد التاريخي للعلاقة المهمة بينهما.
في المقابل هناك استياء كويتي من المساس بالقرار السيادي لها والتعرض لشخصيات عامة، فهي تعتبر ذلك خطوطا حمراء مهمة ومؤثرة.
السعوديون يرون أن الأزمة مع قطر ليست مجرد تباين في وجهات النظر، ولكنهم يرونه مشروعا انقلابيا على بلادهم مثبتا بالشرائط والتسجيلات والاعترافات والأموال، وكان يتم الإعداد له منذ وصول حمد بن خليفة إلى الحكم بعد انقلابه على والده كما هو معروف، وبالتالي السعودية كانت تنتظر موقفا كويتيا رافضا للمؤامرة القطرية.
التصعيد لن يفيد ولكن من المهم «تفهم» وجهة نظر كل دولة، وبالتالي إعادة الحسابات في توقعاتها من الآخر، لأن الواقع أثبت أنه صادم وليس كما صورته العواطف التي بنيت عليها التوقعات.
التناحرات باسم الرياضة قديما وحديثا كانت دوما ما تخفي أشياء «أخرى» مسكوتا عنها في الأزمات، إلا أن الأمر هذه المرة مختلف، والمواقف أظهرت حلفاء وشركاء وأصدقاء وجيران، كلا بوزنه وأسلوبه وأولوياته ومصالحه، وبالتالي على هذا الأساس من حق كل دولة أن تعيد النظر في أولويات سياستها ولا تبني التوقعات إلا ما هو قابل للتحقيق بعيدا عن الصدمات.
ولكن بالنسبة للسعودية لا يمكن وصف موقف الكويت من أزمتها مع قطر سوى بأنه دون المأمول، وأعتقد أن هذا الوصف لائق ومحترم ولا يغضب أحدا. وافقني رجل الأعمال الكويتي بعد أن تفهم ما شرحت، ولكن كانت له وجهة نظر أن البقاء على الحياد هو الأفضل في هذه الحالة، قلت له أذكرك يا عزيزي أن المشروع القطري مستمر في المنطقة، وأذناب قطر موجودون أيضا. هز رأسه وهو يغادر في حال من الإنكار والموافقة على ما قلت له.
حوار كان أشبه بديوانية مصارحة خاصة بين سعودي وكويتي بدون الخروج عن الأدب، ولم يغير أحد موقف الآخر ولكن كانت مصارحة مطلوبة.
السعودية تعتقد وهي على حق في ذلك أن «رصيد» العلاقة التاريخية بين البلدين يسمح للسعودية أن تتوقع مواقف صريحة في السعودية أمام أي سياسات «معادية» و«عدوانية» كما يحصل من إيران ومن قطر. فالإرث التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين الكويت والسعودية يسمح بذلك، بل ويحتم على ذلك تماما مثل ما يحصل بين الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا، هذه الدول بينها روابط تحتم عليها الوقوف في نفس الصف في كل مشكلة تتعرض لها أي دولة منها، كما أظهرت العديد من الأمثلة المختلفة السابقة، السعودية «تفهمت» حساسية الوضع في الكويت والذي لن يسمح لها بتصعيد موقفها ضد إيران والذي قد تكون عليه انعكاسات أمنية واجتماعية على الداخل الكويتي نفسه بشكل لا تحمد عقباه، ولكن السعوديين يجدون موقف الكويت من الأزمة مع قطر غريبا! فالسعوديون أعطوا فرصة للكويت لتقوم بالوساطة بين الطرفين لعلها تسفر عن خير ما، ولكن لم تأت جهود الوساطة بخير ولم يحصل أي تطور إيجابي في الوضع، بل إن هناك عتبا سعوديا لأن الكويت صرحت بأنها «أوقفت» حراكا عسكريا كان وشيكا، وهي المسألة التي روج لها إعلام نظام الانقلاب في قطر، لتثبت الأيام أن الحراك العسكري الوحيد الذي حصل في قطر كان تركيا وإيرانيا لحماية النظام هناك.
هناك حالة من التعجب السعودية «بمساواة» الكويت لكل من السعودية وقطر في ميزانها الدبلوماسي والسياسي، وهذا يعني واقعيا وعمليا إنكارا للإرث والرصيد التاريخي للعلاقة المهمة بينهما.
في المقابل هناك استياء كويتي من المساس بالقرار السيادي لها والتعرض لشخصيات عامة، فهي تعتبر ذلك خطوطا حمراء مهمة ومؤثرة.
السعوديون يرون أن الأزمة مع قطر ليست مجرد تباين في وجهات النظر، ولكنهم يرونه مشروعا انقلابيا على بلادهم مثبتا بالشرائط والتسجيلات والاعترافات والأموال، وكان يتم الإعداد له منذ وصول حمد بن خليفة إلى الحكم بعد انقلابه على والده كما هو معروف، وبالتالي السعودية كانت تنتظر موقفا كويتيا رافضا للمؤامرة القطرية.
التصعيد لن يفيد ولكن من المهم «تفهم» وجهة نظر كل دولة، وبالتالي إعادة الحسابات في توقعاتها من الآخر، لأن الواقع أثبت أنه صادم وليس كما صورته العواطف التي بنيت عليها التوقعات.
التناحرات باسم الرياضة قديما وحديثا كانت دوما ما تخفي أشياء «أخرى» مسكوتا عنها في الأزمات، إلا أن الأمر هذه المرة مختلف، والمواقف أظهرت حلفاء وشركاء وأصدقاء وجيران، كلا بوزنه وأسلوبه وأولوياته ومصالحه، وبالتالي على هذا الأساس من حق كل دولة أن تعيد النظر في أولويات سياستها ولا تبني التوقعات إلا ما هو قابل للتحقيق بعيدا عن الصدمات.
ولكن بالنسبة للسعودية لا يمكن وصف موقف الكويت من أزمتها مع قطر سوى بأنه دون المأمول، وأعتقد أن هذا الوصف لائق ومحترم ولا يغضب أحدا. وافقني رجل الأعمال الكويتي بعد أن تفهم ما شرحت، ولكن كانت له وجهة نظر أن البقاء على الحياد هو الأفضل في هذه الحالة، قلت له أذكرك يا عزيزي أن المشروع القطري مستمر في المنطقة، وأذناب قطر موجودون أيضا. هز رأسه وهو يغادر في حال من الإنكار والموافقة على ما قلت له.
حوار كان أشبه بديوانية مصارحة خاصة بين سعودي وكويتي بدون الخروج عن الأدب، ولم يغير أحد موقف الآخر ولكن كانت مصارحة مطلوبة.